هيا بنا يا ,, هناء,, إلي عملنا .. إن الكلام مع أختيك لن يفيد .. أما أنتما فعليكما أن تنتظرا العظيم والثري إلي أن ياأتياكما .. زأعتقد أنتما تنتظرا العظيم والثري إلي أن يأتيكما .. زأعتقد أنكما ستنتظران كثيرا .. بل إلي الأبد ..
نظرت الأختان , كل واحدة للأخري معترضة علي ما قاله والدهما , فلم يعجبها قوله ..
كان يحكم البلاد ملك عظيم .. ولكنه تقدم في السن , ولم يكن له إلا ابن واحد هو ولي عهد المملكة , واسمه ,, هاني,,
وكان الملك يريد أن يزوج ابنه من إحدي أميرات المملكة , أو أميرة من البلاد المجاورة , ولكن الأمير لم تعجبه كل الأميرات اللاتي رأهن ..
فقال لآبيه :
- فلنترك موضوع الزواج هذا ياأبي إلي أن يوفقني الله , وأجد الزوجة الصالحة .. ونركز الأن جهودنا لخدمة شعبنا والنهوض بشأن بلدنا الحبيب ..
واسمح لي يامولاي أن أتفقد أحوال الرعية عن قرب , فلقد جاءتني فكرة لكي نعرف خفايا مايدور بين الناس بصدق دون رياء أو نفاق ..
قال الملك :
- وما هي هذه الفكرة ياولدي العزيز ؟
أجاب الأمير :
- أن أتخفي في ملابس عادية لكي يحسبني الناس أني أحد أفراد الشعب .. وأجوب ربوع المملكة شبرا شبرا ..
سر الملك لفكرة ابنه وقال له :
- إنها لفكرة صائبة وتدل علي ذكائك وحبك العميق لبلدك ولشعبك .. فعلي بركة الله يابني اذهب , وترافقك دعواتي القلبية , وامالي بالتوفيق والفلاح .
استعد الأمير لرحلته , واستعار ملابس أحد رجال حاشيته , وبدأ رحلته , وكان يبدو كأنه واحد من أفراد الشعب .. لقد أتقن التنكر تماما ..
طاف ولي العهد بمدن وقري عديدة , ورأي أشياء كثيرة . زفي كل مدينة أو قرية يزورها , كان يشتغل في حرفة أو صنعة , أو يقوم بعمل حتي تتاح له فرصة التعامل مع الناس عن قرب بدون زيف ويري كل الخفايا بدون تحريف . فكان حمالا في مدينة , وحدادا في مدينة أخري , وفلاحا في قرية , وصيادا في قرية أخري .. زهكذا جرب ومارس كل المهن والحرف . وتعامل مع أنماط مختلفة من الناس ..
وقرر أن يتجه ناحية الشرق , فقد كانت هذه المنطقة مجهولة بالنسبة له , ولا يعلم عنها شيئا .. أخذ يتنقل بين المدن والقري ليتفقد أحوال الرعية وهو متنكر . وفي أثناء هذه الجولة . شاهد قصرا منيفا , تحيط به حديقة فناء كبيرة , ذات أسوار عالية منيعة , اقترب الشاب من القصر وهو يرتدي ثيابا تدل علي أنه من عامة الشعب . وسأل أحد الحراس الواقفين علي بوابة القصر الكبيرة , وقال :
- لمن هذا القصر الكبير ؟!
الحارس :
- إن صاحبة السيد ,,فاخر,, شهبندر تجار هذه المنطقة .. ومن أغني أغنياء البلاد ..
سأل الأمير قائلا :
- هل أستطيع أن اقابله ؟
أجابه الحارس قائلأ :
- هل جننت أيها الفتي ؟! من يقترب من هذا القصر يأمر السيد ,,فاخر ,, بقتله علي الفور . ولولا أنه مسافر وبعيد عن القصر لما تمكنت من الحديث معك , والرد علي أسئلتك .
الأمير :
- ولماذا كل هذا العنف والتحفز ؟!
الحارس :
- إن السيد ,, فاخر,, لا يملك في هذه الدنيا إلا ابنة واحدة . وياف عليها , ولا يسمح لآحد أن يقترب منها أو يكلمها ..
سأل الأمير متعجبا :
- أليس لها أقارب أو أصدقاء أو .. ؟
قاطعة الحارس قائلا :
- لا أحد علي الإطلاق .
الأمير :
- ومتي سيعود شهبندر التجار ؟!
الحارس :
- بعد أسبوع .. فقد ذهب منذ أسبوع إلي المدينة الكبيرة ليتفقد تجارته هناك .. وترك ابنته مع مر بيتها .. شكر الفتي الحارس , وانصرف .. وذهب بعيدا عن القصر .
أخذ الأمير يفكر , فقد أثارت قصة شهبندر التجار فضولة .. وقرر أن يعود إلي القصر مرة ثانية ليعرف أمر هذا الرجل .. وقال لنفسه , ربما تصلح ابنته ان تكون زوجة له ..
أكمل الأمير جولته في الجهة الشرقية . وبعد عشرة أيام , عاد إلي قصر السيد ,, فاخر,, الذي كان قد عاد من المدينة الكبيرة .. واستطاع الشاب , في اثناء ذلك الوقت , أن يجمع معلومات كافية عن شهبندر التجار , وعلم أنه يبحث عن معلم لابنته .
توجد الأمير إلي القصر وهو يرتدي ملابس تدل علي أنه معلم , ووضع علي وجهه المساحيق , وعلي شعره صبغة بيضاء , حتي يبدو كأنه شيخ متقدم في السن .. زتقدم إلي أحد الحراس , وقال له بثقة :
أرجو أن تبلغ السيد ,, فاخر,, شهبند التجار أني أود مقابلته . قال الحارس :
- من أنت ؟!
قال الأمير بهدوء :
- أني معلم ابنة شهبندر التجار .
أفسح الحارس للفتي الطريق وأذن له بالدخول .. ورافقه إلي حيث يجلس السيد ,, فاخر ,, قدم الأمير نفسه إلي الرجل , وقال :
- لقد علمت ياسيد , فاخر, بأنك تريد معلما لابنتك يعلمها القراءة والكتابة , ويكون لي الشرف لآن أكون ذلك المعلم .
قال شهبندر التجار :
- إنه لشرف لي أن يدرس لابنتي , حنان, شيخ عظيم مثلك .
استقر الشاب في أحد أجنحة القصر .. وبدأ يزاول عمله .. وكانت ,حنان, فتاة جميلة ولكنها مغرورة ولا تعرف شيئا في الحياة , وتجهل حتي القراءة والكتابة , ولا تعلم كيف تتعامل مع الناس .
وجد الفتي صعوبة كبيرة , فقد كان هدفها أن تتزوج رجلا غنيا مثل أبيها .. أما العلم والثقافة فلا يهمانها كثيرا ولا تلقي إليهما بالا.
واستطاع الأمير من خلال تعامله مع ,, حنان ,, عن قرب , أن يعرف عنها كل شئ .. فاكتشف أنانيتها وغرورها وسوء معاملتها لجميع من حولها .. هذا إلي جانب جهلها وضيق أفقها . لم يستطع الشاب أن يعيش في القصر إلا لبضعة أيام .. وبعدها قرر الرحيل .. واستأذن من شهبندر التجار , وتعلل بحجة وجيهة لكي يغادر القصر ..
وفي الطريق استرجع الأمير ما حدث .. وقال يحدث نفسه :
- حقا إن غني المال لا يعوض أبدا فقر الأخلاق والعلم والثقافة ..
****
ظل الأمير يسير من مدينة إلي مدينة .. ومن قرية إلي أخري حتي وصل إلي قرية تقع علي شاطئ البحر .. إنها القرية نفسها التي يعيش فيها العم ,, مبروك,, وأسرته ..
سار الأمير في القرية , وتجول في شوارعها وطرقاتها.. ليري ويسمع .. ويعرف أحوال القرية .. ورأي أمام أحد البيوت فتاة ورجلا يتحدثا هما العم ,, مبروك,, وابنته ,, هناء
ليست هناك تعليقات:
موقع تعليمي يشكركم جميعا ويتمني للجميع التوفيق والنجاح &يمكنكم الانضمام الي الموقع من خلال رابط الانضمام & يمكنكم طلب شروحات واستفسار في اي وقت علي مدار اليوم