اذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه فكل رداء يرتديه جميل
و ان هو لم يحمل علي النفس ضيعها فليس الي حسن الثناء سبيل
تعبرنا انا قليل عديدنا فقلت لها ان الكرام قليل
و ما قل من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامي للعلا و كهول
و ما ضرنا انا قليل و جارنا عزيز و جار الاكثرين ذليل
اذا سيد منا خلا قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول
و ما اخمدت نار لنا دون طارق ولا ذمنا في النازلين نزيل
و ايامنا مشهورة في عدونا لها غرز معلومة و حجول
سلي ان جهلت الناس عنا و عنهم فليس سواء عالم و جهول
اولا بيئة النص
ينتمي هذا النص الي العصر الجاهلي عصر ما قبل الاسلام
و قد اشتمل هذا العصر علي عدة بيئات
البيئة الزمانية العصر الجاهلي هو الفترة التي سبقت ظهور الاسلام بنحو قرن و نصف تقريبا و الادب الجاهلي هو ادب تلك الفترة
ثانيا الشرح
هذه الابيات من قصيدة الشاعر الجاهلي السموال الذي استهل قصيدته بيتين من الحكمة حيث يري ان الانسان اذا سملت نفسه من الدناءة والضمة و لم يلوث عرضه بلؤم وخسة فكل صفة يتحلي بها ذلك هي من جميل الخصال واذا لم يبذل الجهد في دفع الذل والقهر عن نفسه فلن يحمد فعله ولن يخلد ذكره.
ثم انتقل الشاعر للرد علي الفتاة التي تقدم لخطبتها فرفضته قائلا انها تعيره بضعف قبيلته و قلة عددها و هذا ليس عيبا فيهم لان الكرام عددهم قليل و ليس بقليل من يشبه قبيلته التي تبقي منها شباب و كهول من طراز فريد سمت اخلاقهم و قويت عزائمهم فطلبوا المعالي ثم يقول ان قلة العدد لم تكن ضررا لنا و نحن اولو باس و قوة يعيش جارنا في حمايتنا عزيزا علي حين ان هناك قبائل اخري كثيرة العدد تعيش في ضعف و جيرانهم في ذلة لعجزهم عن حمايتهم
و يفتخر الشاعر بقومه فيصفهم بانهم سادة شرفاء توارثوا السيادة جيلا بعد جيل كرماء قولا و فعلا و يقول اننا ما اطفئت نار لنا دون اكرام ضيوفنا ولا ذمنا او عابنا ضيف نزل عندنا و تاريخنا حافل بالانتصارات علي عدونا و ايامنا مشهورة معروفة بيضاء مثل بياض الخيل الغر المحجلة
و يختم الشاعر قصديته واثقا من مكانة قبيلته متحديا الفتاة التي عيرته بقلة قبيلته فيقول لها سلي الناس عنا و عن القبائل الاخري الضعيفة ان كنت جاهلة بقوتنا و اعقدي مقارنة بيننا لتعلمي الحقيقة فلا يستوي العالم و الجهول
ثالثا التذوق
لمحة بلاغية الحقيقة و المجاز
تهتم البلاغة بنواحي التذوق في الفنون الشعرية والنثرية و تقسم الي ثلاثة اقسام
اولا البديع و يعني بالمحسنات البديعية التي يستدعيها الموقف و السياق و تؤدي دورا جوهريا في الدلالة و يشمل الجناس و الطباق و المقابلة و ما يتعلق بالموسيقي
ثانيا المعاني و يعني بايحاءات الالفاظ و التراكيب و الاساليب و يشتمل علي الاساليب الخبرية و الانشائة و التقديم و التاخير و التعريف و التنكير
ثالثا البيان و يعني بالجانب التصويري في الفن الشعري و النثري و يشمل التشبيه و الاستعارة والكتابة و المجاز المرسل
التوضيح
تامل امثلة المجموعة ا تجد ان عطاء حاتم الجوع ايام الانتصارات قد استعملت بمعناها الحقيقي و لم تخرج عنه وهذا ما يسمي بالتعبير الحقيقي
تامل امثلة المجموعة ب تجد ان الكلمات بحر ينهش غرز و حجول استخدمت في غير معناها الاصلي لعلاقة المشابهة فحاتم الطائي بحر يفيض عطاؤه و الجوع حيوان مقترس ينهش الامعاء و ايام الانتصارات معروفة واضحة كالخيل الغر المحجلة اي التي يظهر جبهتها و قوائمها و هذا ما يسمي بالتعبير المجازي
2 - من جماليات النص
ا - الموسيقي تتجلي الموسيقي في هذا النص في الوزن و القافية الموحدة
ب - و يضدها تتميز الاشياء اقرا الابيات و حددى العلاقات بين الكلمات و الجمل تجد ان هناك طباقا بين شباب و كهول - علم و جهول و مقابلة بين انا قليل و جارنا عزيز - جار الاكثرين ذليل و الطباق و المقابلة يقويان المعني و يوضحانه
رابعا سمات اسلوب الشاعر
- وضوح المعاني و الافكار
- سهولة الالفاظ و مناسبتها للمعاني المقصودة
- جمال التعبير و التصوير
- استخدام الحكمة باسلوب قوي رصين
- استخدم اسلوب الاقناع في الدفاع عن قبيلته
- وضوح عاطفة الفخر و الاعتزاز بقبيلته
- استخدام بعض المحسنات البديعية كالطباق و المقابلة دون تكلف
خامسا لمحة ادبية الشعر في العصر الجاهلي
بعد دراسة نص السموال تبين لنا ان النص جاء في صورة مرافعة ادبية جميلة مؤثرة اعتمد فيها الشاعر علي التدليل المنطقي الاقناع العقلي مستثيرا عاطفة الملتقي للوصول الي هدفه الرئيس من نظمها و هو الدفاع عن قبيلته و الفخر و الاعتزاز بقيمتها الرفيعة كالكرم و العزة و الطموح طلب المعالي و حماية الجار فضلا عن قيمه الذاتية التي تبدو في الاعتداد بالنفس و الانتماء و الولاء للقبيلة التي تقوم مقام الدولة في عصرنا
و القصيدة في مجملها تحمل بعض خصائص الشعر الجاهلي لكن بناءها اختلف عن قصائد الشعر الجاهلي
االقصائد الجاهلية لم تعرف وحدة الموضوع بل تمددت الاغراض في القصيدة الواحدة و تعد المعلقات من اشهر القصائد الجاهلية التي اتضح فيها بناء القصيدة علي النحو التالي
و تعد المقدمة الطلية من اشهر المقدمات شيوعا في الشعر العربي الجاهلي حيث كانت القصيدة الجاهلية تبدا بالغزل و بكاء الطلال بقايا ديار المحبوبة يليها الوصف وصف الرحلة و معالم الطريق و حيوانات الصحراء ثم الغرض الاساسي للقصيدة المديح او الهجاء او الفخر و قد تخدم للقصيدة بالحكم
المعلقات قصائد طوال لمجموعة من كبار الشعراء وهم امرؤ القيس الملك الضليل و زهير بن ابي سلمي و طرفة بن العبد البكري و لبيد بن ربيعة العامري و عنترة بن شداد و الحارث بن حلزة اليشكري و عمرو بن كلثوم و هي تعد من اجود الشعر الجاهلي و قد تعددت الاراء في سبب تسميتها
1 - قيل انها كتبت بماء الذهب و غلقت علي استار الكعبة
2 - و قيل لانها سريعة التعلق في اذهان الناس فحفظوها
3 - و قيل سميت بذلك تشبيتها لها بعقود الدر التي تعلق علي نحور النساء الحسان
سمات الشعر الجاهلي
لعلك بعد قراءة نص السموال و غيره من نصوص الشعر الجاهلي تكون قد استخلصت بعض سمات هذا الشعر من حيث الالفاظ و المعاني و الاساليب و الخيال و تتجلي هذه السمات فيما يلي
1 - وضوح المعاني
2 - قلة التانق في ترتيب المعاني و الفكر
3 - جودة استعمال الالفاظ ففي معانيها الموضوعة لها
4 - الاخلية البديعة و التشابيه الطريفة و الاستعارات الجميلة
5 - القصد في استعمال الفاظ المجاز
6 - عدم تعمد استخدام المحسنات البديعية
7 - ايثار الايجاز الا اذا دعت الحال
ليست هناك تعليقات:
موقع تعليمي يشكركم جميعا ويتمني للجميع التوفيق والنجاح &يمكنكم الانضمام الي الموقع من خلال رابط الانضمام & يمكنكم طلب شروحات واستفسار في اي وقت علي مدار اليوم